الكتاب الخامس عشر : تطوير مناهج وطرق تدريس الجغرافيا
قصة هذا الكتاب:
لهذا الكتاب قصة غريبة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بأطروحة الدكتوراة الخاصة بي ، والتي كانت تحت عنوان :Improving Geographic Education) Programs In Jordan's Secondary Schools) ، والذي يمكن ترجمته كالآتي : ( خطة لتطوير برامج التربية الجغرافية في المدرس الثانوية الأردنية ) ، والتي ناقشتها في جامعة كنساس الأمريكية بتاريخ 3/4/1980. وكانت لجنة المناقشة مؤلفة من خمسة أساتذة مشهورين في تلك الجامعة من المتخصصين في المناهج وطرق التدريس من جهة ، وفي مناهج طرق البحث العلمي والإحصاء التربوي من جهةٍ ثانية .
وبما أن هذه اللجنة تكون قد اطلعت على كشف العلامات لجميع المواد التربوية التي درستها خلال برنامج الدكتوراة في تلك الجامعة ، والتي بلغت سبعين ساعة معتمدة ، وبتقدير ممتاز(A) فيها جميعا بدون استثناء ولله الحمد ، وبعد الانتهاء من مناقشة تلك الأطروحة والتي استمرت قرابة الأربع ساعات ، وبعد خروجي من قاعة المناقشة كي تتداول اللجنة في اتخاذ القرار المناسب بشأن النتيجة ، وبعد استدعائي من جديد من جانب رئيس اللجنة الذي لم يكن المشرف على أطروحة الدكتوراة ، أخذ في الإشادة بالجهد الكبير الذي بُذِلَ فيها ، ولا سيما التوصل إلى أول معايير لتطوير التربية الجغرافية في العالم حتى ذلك الوقت ، وطلب مني أسماء وعناوين شخصيتين كبيرتين في الأردن التي تمَ تطبيق الدراسة فيها ، حتى تتم الاستفادة منها فعلياً . وقد أعطيتهُ إسم وعنوان رئيس جامعة اليرموك آنذاك الدكتور عدنان بدران ، لأن الجامعة هي الجهة التي ابتعثتني إلى الدكتوراة ، وإسم وعنوان الدكتور عبدالسلام المجالي ، وزير التربية والتعليم آنذاك ، لأن الوزارة هي الجهة التي تمَ تطبيق أدوات في مدارسها الثانوية .
وعندما عدتُ الى الأردن بعد حصولي على شهادة الدكتوراة بامتيازولله الحمد ، ذهبتُ للسلام على رئيس الجامعة أ.د. عدنان بدران ، الذي رحبَ بي بحرارةٍ شديدة ، وأخذ يشيدُ بالإنجاز الذي تحقق ولله الحمد ، وقال لي : لقد وصلتنا من جامعة كنساس رسالة تفيد بتطويركَ لمعايير عالمية ، بالإضافة إلى حصولكَ على تقدير امتياز في جميع المواد التربوية ، ونريد منكَ ثلاث نسخٍ من أطروحة الدكتوراة ، فأحضرتها له في اليوم التالي بالإضافة الى نسخة إهداء شخصية له ، ولم أكن أعرف لماذا النسخ الثلاث الأخرى.
وبعد نحو ثلاثة أشهر من الزمان ، وصلني خطاب من عميد البحث العلمي والدراسات العليا في جامعة اليرموك ، يؤكد بأن مجلس البحث العلمي في الجامعة ، وبعد عرض النسخ الثلاث من الأطروحة على محكمين متخصصين ، يرى ضرورة ترجمتها من جانبي ( بعد اختصارها ) ثم العمل على نشرها على حساب جامعة اليرموك ، وتوزيعها على المؤسسات والوزارات ذات العلاقة ، حتى تعم الفائدة من ناحية ، وتكريم الباحث على هذا الجهد من ناحيةٍ ثانية . وهذا ما جعلني أترجم الأطروحة الى اللغة العربية وصدوره عام 1983 على شكل كتاب .
ونظراً لأهمية الرسالة التي وردت من جامعة كنساس الأمريكية ، فإنني أعرضها كما هي باللغة الإنجليزية ، وسأقوم بترجمتها الى اللغة العربية بعد ذلك :
ترجمة رسالة جامعة كنساس الأمريكية الى العربية
جامعة كنساس
مكتب شؤون الطلبة الأجانب
لورانس ، كنساس ، الرمز البريدي66045
18/4/1980
أطروحة دكتوراة عالية الجودة
تهانينا إلى السيد جودت أحمد سعادة ، طالب الدراسات العليا من الأردن ، الذي ناقش أطروحتهُ للدكتوراة تحت عنوان : ( خطة لتطوير برامج التربية الجغرافية في المدرس الثانوية الأردنية ) بتاريخ 3/4/1980.
وإشارة الى التقرير المرفوع من لجنة المناقشة ، فإن أطروحة السيد سعادة المؤلفة من مجلدين ، ذهبت إلى ما هو أبعد من مجرد وصف الوضع الحالي لبرامج التربية الجغرافية في الأردن ، إلى تطوير أول معايير شاملة في تاريخ التربية الجغرافية المرتبطة بالبرنامج المرغوب فيه للمرحلة الثانوية . وهذا ما جعل دراستهُ تمثل مساهمة فريدة من نوعها في الأدب التربوي للدراسات الإجتماعية . إن لجنة مناقشة أطروحتهِ للدكتوراة توصي بقوةٍ بأن دراسة الدكتور سعادة ينبغي أن تُنشر. وعلاوة على ذلك ، فإن الباحث قد درس ما مجموعه (102) ساعة معتمدة في جامعة كنساس ( منها 33 لماجستير الجغرافيا) معظمها كانت عبارة عن موادٍ تربوية ( نحو سبعين ساعة) ، وأنه حصل في جميعها على تقدير ممتاز (ِA) مما أدى إلى وضعهِ في لوحة الشرف.
ونحن في جامعة كنساس ، كم كان يشرفنا وجود السيد سعادة ، كأحد طلبتنا للدراسات العليا ، ونحن نؤمن بأنه لم يتلقَ عندنا تربيةً جيدةً فحسب ، بل وساهم أيضا في إضافة المعرفة ، وأن بحثهُ الحالي وكتاباته المستقبلية سيكون لها فائدةً عظيمه لوطنه.
وشكراً لكم
عميد شؤون الطلبة
كلارك كون Clark Coan
تقرير مختصر عن الكتاب
صدر هذا الكتاب عام 1983 م ، عن جامعة اليرموك الأردنية ، وبدعمٍ رسمي من عمادة البحث العلمي فيها بعد عرضه على المحكمين، وهو يمثل في الواقع ترجمةً مختصرةً لأطروحة الدكتوراة الواقعة في مجلدين والخاصة بالدكتور جودت احمد سعادة . ويقع الكتاب في (221) صفحة من القطع المتوسط ، ومغلف تغليفاً عادياً ملوناً .
ويمثل تطوير البرنامج الحالي للتربية الجغرافية في المدارس الثانوية الأردنية الهدف العام لهذه الدراسة . وكان لا بد من العمل على تحقيق أهداف أربعة من اجل الوصول إلى الهدف الرئيس . والأهداف الأربعة تتمثل في الآتي :
(1 ) وصف الوضع الراهن لبرنامج التربية الجغرافية الأردني في المرحلة الثانوية .
(2 ) تصميم معايير للبرنامج المرغوب فيه للتربية الجغرافية في المرحلة الثانوية .
(3 ) تحديد جوانب برنامج التربية الجغرافية الأردني ، التي تحتاج إلى التغيير .
(4 ) اقتراح خطوط أو إرشادات عامة تساعد معلمي الجغرافيا , والمشرفين التربويين لها ، على حل المشكلات التي تم تحديدها في البرنامج الحالي .
وبلغ عدد المدارس التي طبقت فيها هذه الدراسة (206) مدرسة ثانوية عامة , من المدارس التي تشرف عليها وزارة التربية والتعليم . كما كانت عينة المعلمين شاملة تألفت من (244) معلما ومعلمة , يمثلون جميع معلمي ومعلمات الجغرافيا في المدارس الثانوية العامة الأردنية ( الفرع الأدبي ) في ذلك الوقت .
وقد استخدمت في هذه الدراسة اثنتين من أدوات البحث , أولهما استبانة مكتوبة تمَ صميمها من أجل الحصول على معلومات عن جوانب التربية الجغرافية المختلفة في المرحلة الثانوية العامة الأردنية وطبقت هنا التحليلات الإحصائية التي تتمثل في التكرارات , والنسب المئوية , والمتوسطات الحسابية , وأخيراً الترتيب حسب هذه المتوسطات .
أما أداة البحث الثانية , فكانت عبارة عن تطوير معايير تتعلق بالبرنامج المرغوب فيه للتربية الجغرافية في المرحلة الثانوية , وذلك عن طريق البحث عن الدراسات ذات العلاقة في دوريات مركز المعلومات والمصادر التربوية الأمريكي ERIC, ومراجعة المصادر والكتب التربوية الأخرى ذات الصلة بجوانب برنامج التربية الجغرافية : كالأهداف ، والمحتوى ، وطرق التدريس ، والأنشطة ، ووسائل التقويم , بالإضافة إلى مراجعة الأبحاث الخاصة بالخطوط العريضة لمنهج الدراسات الاجتماعية , وأخيرا مراجعة الدراسات المتعلقة بالمشروعات الجغرافية العديدة , التي ظهرت في بعض دول العالم , كالمشروع الجغرافي الأمريكي للمدرسة الثانوية , والمشروع الجغرافي الألماني , ومشروع أكسفورد البريطاني , ومشاريع مشابهة في كندا , واستراليا , ونيوزلندا , والبرازيل , وهونج كونج .
وقد استخدم الباحث حكمه الشخصي , لاختيار فقرات المعايير , من بين الفقرات التي حصلت على تأييد قوي أو اتفاق من غالبية المحكمين المتخصصين في ميداني الجغرافيا والدراسات الاجتماعية . كما عمل الباحث على اقتراح القسم الأكبر من فقرات المعايير ,للبرنامج المرغوب فيه للتربية الجغرافية في المرحلة الثانوية . تلك الفقرات التي كانت مشروطة بموافقة اللجنة المشرفة على هذه الأطروحة .
وبما أنه لم يسبق وضع أو تطوير معايير تتعلق بالبرنامج التربوي الجغرافي في المرحلة الثانوية , فستكون المعايير المطورة في هذه الدراسة هي أول معايير شاملة في تاريخ التربية الجغرافية , ترتبط بالبرنامج المرغوب فيه للمرحلة الثانوية (على حد علم الباحث واللجنة الخماسية المشرفة على هذه الدراسة ) . ويزيد هذا من قيمة الدراسة الحالية , حيث يمكن لأي معلم , أو باحث أو مهتم بالتربية الجغرافية خاصة , وتربية الدراسات الاجتماعية عامة , في أي دولة في العالم , من استخدام المعايير المطورة في هذه الدراسة , كمحكات أو معايير للحكم على مدى جودة أو عدم جودة برنامجه الحالي للتربية الجغرافية أو برنامج والدراسات الاجتماعية , وذلك بالتعرف على مدى قربه , أو بعده , عن البرنامج المرغوب فيه , مما يتسنى له تحديد العيوب , والعمل على تلافيها من أجل التحسين .
هذا وقد قارن الباحث الوضع الحالي للتربية الجغرافية في المرحلة الثانوية الأردنية بالمعايير التي قام هو بتطويرها . وساعدت هذه المقارنة على تحديد جوانب الضعف في البرنامج الجغرافي الأردني ، وكان من أهمها : عدم وضوح أهداف التربية الجغرافية , وقلة تركيزها على المفاهيم الخاصة بالتفاعل المكاني , وضعف تركيزها أيضا على زيادة مقدرة التلاميذ على طرح المشكلات الجغرافية , ومحاولة حلها , أو طرح الأسئلة الاستقصائية . كما لم يتم تعديل وتنقيح هذه الأهداف التربوية الجغرافية , بشكل دوري ومنتظم كل عام .
ومن الجوانب السلبية في محتوى التربية الجغرافية في البرنامج الأردني : ندرة اشتماله على احدث التطورات العلمية في مجال الجغرافيا والتربية , وندرة تشجيعه التلاميذ على صنع القرارات بأنفسهم , وقلة مراعاته لأسس الاستقصاء السليم , وضعف ارتباطه جيداً بحياة التلاميذ اليومية , وعدم تركيزه على المفاهيم والمهارات الأساسية .
أما في مجال الخبرات التعليمية والتعلمية في برنامج التربية الجغرافية الأردني , فقد أظهرت المقارنة وجود جوانب ضعف أهمها : تركيز طرق التدريس على الموضوعات التي تشجع التلاميذ على الحفظ بدلا من التركيز على المشكلات . كما لم يكن هناك توازن بين تدريس الجغرافيا والأحداث الجارية , او بين الآنشطة الفردية والجماعية , وقلة وجود تعاون جماعي بين معلمي الجغرافيا , الذين يقومون بتدريس المساقات الجغرافية نفسها .
وبعد تحديد نقاط الضعف في برنامج التربية الجغرافية الأردني، اقترح الباحث عددا من الخطوط العريضة أو الإرشادات العامة , التي تساعد معلمي الجغرافيا والمشرفين التربويين , على معالجة جوانب الضعف السابقة , وتؤدي بالتالي إلى تحسين البرنامج التربوي الجغرافي ككل . ومن أهم هذه الاقتراحات : ضرورة إعطاء معلمي الجغرافيا والتلاميذ , وممثلي المجتمع المحلي , فرصة أفضل للاشتراك في اختيار , ووضع أهداف التربية الجغرافية . وضرورة أن تستشير وزارة التربية والتعليم ، التربويين وليس الجغرافيين فحسب , عند وضع الأهداف , كما أنه من الضروري مراجعة الأهداف وتنقيحها سنويا . أما عن المحتوى فينبغي عدم اقتصاره في أي صف من الصفوف على كتاب واحد فقط ، وأن يركز هذا المحتوى على المفاهيم والمهارات الأساسية , وأن يتعامل مع المشكلات التي تواجه المجتمع الأردني في بيئاته المختلفة .
أما عن طرق التقويم المختلفة ، فينبغي ألا تقتصر على الاختبارات التحريرية فقط , بل يجب أن تشمل أيضا كلاً من المشروعات الفردية , والجماعية , والقراءات المختلفة , والملاحظات الميدانية المتنوعة .
وأخيرا فإن اهتماماً خاصاً لا بد أن يُبذل في سبيل استخدام طريقة الاستقصاء في تدريس الجغرافيا , بدلا من التركيز على الطريقة التقليدية والتلقينية , لما لطريقة الاستقصاء من مزايا عديدة , تُلقي بظلالها على العملية التعليمية التعلمية , يتلخص أهمها في التفاعل بين المعلم وتلاميذه , وتحمل التلاميذ للمسؤولية التعلمية , واعتمادهم على أنفسهم تحت توجيه وإرشاد معلميهم , واشتراكهم في مناقشة المشكلات الاجتماعية الراهنة بنشاط وحيوية واستمرارية وشكراً لكم.
May you like
اترك تعليقاً