الكتاب السابع والثلاثون: التربية على المواطنة في الدول العربية
مقدمة
تظل الكتابة عن موضوع التربية الوطنية في أي قطر من أقطار العالم هذه الأيام، عملاً ليس بالأمر الصعب بصورةٍ عامة، ولا سيما إذا تولى المهمة مجموعة من المتخصصين في هذا المجال أولاً، وإذا ما توفرت المعلومات والبيانات والمراجع العديدة ذات الصلة ثانياً، وذلك نظراً لأن مثل هذه الأقطار تمثل دولاً مستقلة وذات سيادة كاملة. فعلى سبيل المثال لا الحصر، قد نرى أن أصغر دويلات الجزر في المحيط الهادي والتي لا نكاد نراها على خريطة العالم، هي دول معترف بها ولها العضوية الكاملة في هيئة الأمم المتحدة، وتتمتع بالسيادة التامة على أراضيها وأجوائها وسواحلها البحرية، مما يجعلها تمتلك كامل الحرية في إصدار قراراتها التي تراعي مصالحها القومية العليا ومن بينها تأليف كتب التربية الوطنية للناشئة فيها وإقرارها عليهم، دون أي تعليماتٍ أو قيودٍ أو شروطٍ من هذه الدولة أو تلك.
ولكن الوضع بالنسبة إلى فلسطين يختلف تماماً في معظم هذه الأمور، حيث هي الدولة الوحيدة في العالم التي ما زالت ترزح تحت نير الاحتلال الصهيوني المسيطر على البشر والشجر والحجر، مع عدم التمتع بأي نوع من الاستقلالية في القرار أو السيطرة على الحدود البرية أو البحرية أو مجالاتها الجوية، أو العضوية الكاملة في هيئة الأمم المتحدة، رغم الانحسار التام لهيمنة الاستعمار الأوروبي على بقاع واسعة جداً من الكرة الأرضية منذ عقودٍ طويلة، كالاستعمار البريطاني والفرنسي والإيطالي والإسباني والألماني والهولندي والبرتغالي، وبقيت فلسطين حالة نادرة جداً في هذا الصدد، تحت السيطرة الاستعمارية الصهيونية.
ومما زاد الطين بلة، أن الوضع الفلسطيني السياسي لم يكن أقل سوءاً عما سبق الحديث عنه، مما ترك آثاره السلبية بقوة كبيرة على مختلف مناحي الحياة وعلى رأسها الجوانب التربوية. فقد تعاقبت أنظمة من الحكم الإدارية العديدة على فلسطين منذ بداية القرن العشرين وحتى الآن. فقد كانت أولاً تحت سيطرة الإمبراطورية العثمانية حتى نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918، ثم وقعت بعدها في ظل الانتداب البريطاني حتى عام 1948 عندما أقيمت دولة الاحتلال الإسرائيلي على معظم أراضي فلسطين ما عدا منطقة الضفة الغربية التي اتحدت مع الأردن عام 1950، ومنطقة قطاع غزة التي أصبحت تحت الإدارة المصرية. وبعد الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967، وقعت جميع أراضي فلسطين إضافة إلى هضبة الجولان السورية وصحرء سيناء المصرية تحت الاحتلال الصهيوني.
ولم يكن في فلسطين خلال جميع هذه الإدارات مادة دراسية عن التربية الوطنية يتم تعليمها لطلبة المدارس حتى عام 1994، عندما تمّ فعلياً إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية، كي تظهر هذه المادة في مناهج العديد من الصفوف الدراسية. وحتى يتم اكتمال الصورة جيداً، فإنه لا بد من إعطاء نبذةً عن التربية والتعليم في فلسطين خلال هذه الفترات الإدارية المختلفة أولاً، قبل التوسع في الحديث عن التربية الوطنية في عهد السلطة الوطنية الفلسطينية.
عندما وقعت مهمة التعليم في تلك الفترة على كاهل المواطنين والجمعيات العربية والإسلامية، وكان التركيز بالدرجة الأساس على القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم، وذلك على أيدي معلمي الكتاتيب، في الوقت الذي لم يكن هناك أي اهتمام يذكر بالعلوم العصرية، إضافةً إلى سيطرة الجهل والمرض عموماً على معظم فئات الناس بحكم الظروف المعيشية الصعبة وانتشار الفقر بصورةٍ واضحة.
من يرغب في الحصول على الكتاب، عليه الاتصال بدار الوراق، مسقط/سلطنة عمان على الرابط الآتي:
daralwaraq@gmail.com
هاتف : 0096898595850
ص.ب. 342، الرمز البريدي 124، الرسيل – سلطنة عمان.
عدد المشاهدات : 5
May you like
اترك تعليقاً